كتبة : مبارك بن خميس الحمداني
الأسئلة المزعجة وربما المقلقة في بعض الأحيان أن يسألك أحدهم : هل ترى نفسك ناجح في الحياة ؟!
من وجهة نظر شخصية أنا استبدل مفردة النجاح بمفردة (الرضى) , فالنجاح أمر نسبي يتبدل بحسب المعايير الذاتية التي يضعها الشخص لذاته ومن حوله لتقييم النجاح. فما أحسبه أنا نجاحاً شخصياً قد يكون في نظر الآخر مجرد أمر عادي لا استثنائية فيه. أما الرضى فهو حالة شعور ذاتي تقيم تحقيق مجموعة من الأهداف التي يرسمها الفرد لحياته ويقيم على ضوئها تحقق هذه الأهداف من عدمه.
هذا البرهة التي قضيتها في الحياة أشعر أنني راضٍ تماماً عما تحقق فيها . رغم التحديات الصعبة. ورغم تعاظم بعض المصاعب. إلا أن التروي والصبر والجلد والإيمان بأن في الحياة متسع لتحقيق الأفضل ومتسع للفرح يجعلك الفرد صامداً ومجابها لكل ما يعترض دربه.
لطالما اصطدمت في هذه البرهة من الحياة بمحاربي النجاح. بأولئك الذي يحاولون بطريقة أو بأخرى فكّ وإشباع عقد نقصهم عن طريق التجني الآخرين. بأولئك الذين يحيكون الافتراءات فقط لأنهم لم يستطيعوا الوصول إلى ما وصلت إليه. ومع ذلك لا يمكننا القول بتجاهلهم. أنت فعلاً تتأثر بهم مهما كانت شخصيتك ونضجك ولكن الفارق كيف تحول كل هذا إلى طاقة دافعة للأفضل.
آمنت في هذه الحياة أنه ليس من الضروري أن يملأ رأسك (الشيب) والبياض لتتحدث عن تجاربك. وليس من الضروري أن تمشي متوكأ على عصا لتقول للناس أنك ناضلت من أجل فكرة. وآمنت أن لا شيء يستحق النضال في هذه الحياة سوى أن نعمل فيما نحب ونستمتع بما نعمل. فإن تحققت هذه القيمة وجدنا ذواتنا في الحياة ووجدنا الإحساس الحقيقي بكينونتا التي نقضي الحياة بحثاً عنها.
إذا أردت أن تتحالف مع شيء في الحياة وتتوحد معه. فتوحد مع تلك الطموح الواقعية. التي ترسمها بناء على معطيات منطقية تأخذ فيها بالاعتبار واقعك وإمكاناتك. تخل عن الأحلام الطوبائية. واستمتع بتحقيق الطموحات تسلسلاً من أصغرها لكي تصل إلى الطموح الأكبر بكل ملذاته وطعم السعادة الذي يحتويه.
لا تربط مستوى طموحك ومعاييرك بالمعايير المجتمعية التي يعتقدها المجتمع عن الناجحين. الناجح في عين المجتمع ليس سوى ذلك الذي يدرك تخرجه بأي معدل كان ويلتحق بأي عمل كان وينضوي لماكينة الروتين الاجتماعي المعتاد حتى الموت. ويتزوج بأي طريقة كانت. ويبني منزلاً من أي مصدر كان. ليكون مجرد عدد وزيادة تعداد في المجتمع. لا تعنيهم الإضافة النوعية التي يحققها لذاته وأسرته ومجتمع بقدر ما يعنيهم أنه يحقق شروط (الماكينا الاجتماعية).
آمنت أن الشجاعة الحقيقية في هذه الحياة تكمن في الحكمة والتروي. لا في الصدام. لا في المكابرة. تكمن في تخيرنا الوقت المناسب الذي نرحل فيه إلى ذواتنا ونعتزل. وفي قرارنا الشجاع والمحكم للوقت الذي يجب أن نشارك فيه المجتمع عجلة دورانه بقوة. آمنت أن الشجاعة الحقيقية أن نفعل الأشياء التي تهمس لنا أنفسنا بأنها مستحيلة. بأنها صعبة. بأنها مؤرقة. فلا شجاعة دونما كسر لرتابة الذات وشروطها. ولا مجد دونما شجاعة.
آمنت أن الفشل الحقيقي هو أن تقبل أن يملي عليك أحدهم ما تصنعه. الفشل الحقيقي هو أن نكون ذوات أخرى غير التي نشتهي. أن نعيش بشروط الآخرين وبنمط عيشهم ومعاييرهم ونلغي ذواتنا. الفشل الحقيقي هو أن لا نسعى ونظل مكتوفي الأيدي أمام أحلامنا وطموحاتنا.
وآمنت أن السعادة الحقيقية لا يمكن أن تتجزأ. لا يمكن أن تختزل . ولا يمكن أن تكون مؤقتة..!