كتبه مبارك بن خميس الحمداني
(الحي يحيّيك) وتوهج الأخضر حين يكون في مزاجه الرائق والراقي يطرب بلدة بأكملها. فحين يلعب صحار ينصت الكون استماعاً لطربه. وحين يفوز تتلون السماوات بإخضرار التماسيح. وتعزف المجرة لحناً فائق الإبداع عنوانه أهازيج سكان المدرج وطربهم وأغنياتهم التي يصدحون بها في ليالي السمر حتى أوائل الفجر..ليس أبلغ من وصف يصف حالة صحار هذه الأيام وهي تحتفي بتوهج أخضرها. فلقد قدم صحار نفسه كأيقونة بارزة في الجولات الأربع الأولى من دورينا برهانه على لاعبين لم يكن أشد المتفائلين يراهن عليهم وعلى علو كعبهم مطلع فترة الإعداد والتعاقدات. ولكن ثمة عمل فني عنوانه (إعطاء اللاعبين الجرعات المناسبة من التمرين التي تتوافق مع تكوينهم الرياضي وتتسق مع تكوينهم الثقافي الرياضي واللعب بالإمكانات المتاحة اعتماداً على مهارات اللاعبين) كل هذه خلطة قادت أخضرنا إلى التميز وتحقيق الجدارة في الجولات الأولى.
لست أتحدث هنا عن تحليلٍ فني ولكن ثمة رسائل يجب أن تقال في هذا الصدد نوردها على النحو الموالي
رسالة أولى : الكل الآن يستحضر سيناريو انطلاقة الموسم الماضي حين حقق الفريق (انطلاقة فورملا) قوية ثم خفت البريق مع انتهاء الدور الأول. ثم أطلقنا عنوانين صحار يعاني من قصر النفس. والدوري يحتاج لإمكانات فنية عالية وغيرها. ومع صحة هذه التحليلات نسبياً إلا أن الفارق كان في تقديري يكمن في الوضع الإداري. ثمة هزات إدارية فعلت مفعولها في الفريق فأضعفت كيانه وخفضت جماح انطلاقته. وهذا يقودنا إلى الرسالة الثانية.
رسالة ثانية : المتوجب الآن على الإدارة تهيئة الظروف النفسية والإدارية والمالية التي تضمن استمرار هذه الإنطلاقة وتعزيزها. صحيح أنه لا يمكن أن نضع الفريق بهذه الإمكانيات تحت ضغط المطالبة بتحقيق بطولات. ولكن منافساتنا الكروية في عمان قائمة أساساً على جوانب معنوية أكثر من كونها جوانب فنية بحته. وهنا تكمن جدارة وشطارة الإدارة وفقه الأولويات في رسم معالم المرحلة المقبلة. الحفاظ على معنوية الفريق المرتفعة وتوفير السيولات المالية التي تضمن استدامة الإلتزام بمستحقات اللاعبين من شأنها وبشكل حقيقي أن تبقي الفريق بجدية في نطاق التوهج والمنافسة. وهذا ما نثق في توجه الإدارة نحوه.
رسالة ثالثة : المدرب مولاي مراد أثبت كفاءة عالية في التعامل مع الفريق. اللعب بالإمكانات المتاحة وتوظيف اللاعبين حسب قدراتهم وبناء تمارين تتناسب مع طبيعة تكوين اللاعبين في تقديري هي مؤشرات نجاح ملفته وإن كانت من وجهة نظر فنية متواضعة. كل ما نتمناه هو أعطاء الكابتن فرصة أفضل للمواصلة مع الفريق قصد الحفاظ على الاستقرار الفني في المرحلة الحالية.
رسالة رابعة : إلى أولئك الذين تصدروا المشهد في مرحلة الفراغ. ثم اختفو في المعمعة. بكل بساطة نقول “اظهر وبان عليك الأمان…”
رسالة خامسة : المرحلة هي مرحلة التفافة حقيقية. والمرحلة تتطلب الوقوف على كل المشكلات حتى وإن كانت مشكلات جزئية وبسيطة وتداركها. وسد الثغرات الي قد تؤدي للحفر تحت جهود النادي وإدارته. من جانب آخر على الإدارة أن يتسع صدرها لكل الأطراف. لغة الحوار في مرحلة ما أثبتت نجاحها وأنقذتنا من كارثة سيناريو (الإدارة المؤقتة) ولا نتمنى أن نعود للغوص في مشكلات صغيرة تفجر مشكلات أكبر.
رسالة سادسة : إلى لاعبينا , مع التحية. قلت ذات حين “جمهور صحار هو المكافأة الأعظم لكل من يحمل شعار الأخضر. والعقوبة الأقصى لكل من يلعب ضده”. أتمنى إذا كنتم لا تكترثون لصوت الجمهور في أرضية الملعب. أن تعودوا إلى أشرطة الفيديو لتتابعوا مدرج الإمتاع الذي يهتف بكم ولكم ومن أجلكم. اتركوا ولو قليلاً سياسات لي الذارع التي يفتعلها البعض. واخلصوا للكيان وحدة.. وإن لم يكن لأجله. فمن أجل الآلاف التي تهتف خلفكم.
رسالة سابعة : من يجب أن يتصدر المشهد / هناك ضوء إعلامي واسع الآن يسلط على النادي بكل تفاصيله. مصادر هذا الضوء داخلية يخلقها المحبين والعاملين تحت مظلته. وخارجية يسلطها المتابعين من الخارج والملتفتين إلى النقلة النوعية الحادثة. ولكن من يجب أن يتصدر مشهدنا ؟
في تقديري هي ثلاث فئات . المتعقلون الذي يعون جيداً لغة الحوار والخطاب الدبلوماسي والقادرين على تدارك الأزمات وعدم استفحالها خارج حدود النادي. الداعمون بصمت الذي يخلصون رغم كل ظروفهم للكيان ويدركون حقيقة الوضع المادي الذي يعيشه النادي ولا يتوانون في دعم بكل ما يملكون من مقومات وعطايا غير ساعين إلى “الترزز الإعلامي”. وفئة أخرى هي المحبين من سكان المدرج الأخضر الذين يشكلون في كل جولة أجمل لوحة بعطائهم وحبهم وتفانيهم.
همسة : ” مشهدنا ملكٌ للمخلصين منا. لا تجعلوهم يغتاولوه أو يشوهوه”
وبقي أن نقول مجاراة لأحدهم “صحار ليس نادياً ولا فريق كرة قدم
إنه مدرسة تعلمنا الحب ، وسطور وملاحم تدرسنا أبجديات العشق
وهو بدايات المحبة ونهايات الوله. وهو أغنيات العاشقين التي لم تغنى بعد
وقصائدهم التي لم توزن بعد.. وبحور الشعر التي لم تبتكر بعد..”