**ودمعت عينُ جوهر**
يكتبها: الشاعر/ مهدي اللواتي
________________________________________
أن تعيشَ لحظةً تكونُ فيها صحار كُفقيدٍ ذهب ولن يعود فتبكي.. هكذا كان المشهد في استاذ الشرطة بالوطية في مباراة فنجاء وصحار في ربع النهائي لكأس جلالة السلطان المعظم..
وانتهت المباراة بحلوها ومُرِّها بفوزٍ لصحار ولكن بخروجٍ من الكأس الغالية.. هنا لست بصدد التحليل والتنظير واللوم أو أي شيء آخر.. هذه اللحظة هي لحظة مختلفة تماما.. بعيدة عن التفاصيل الفنية للمباراة ولكنها تفاصيلٌ أخرى..
وبعد أن أطلق الحكم صفارة النهاية.. وكأنَّ أرض مسقط فُتحت.. وبلعت كل صُحاريٍّ هناك.. فقد اختفى حلمٌ وأملٌ جديد لتكون صحار مرة أخرى في المربع الذهبي..
كل المشاهد كانت معتادة على ناظريّْ.. فهناك طفلي لم ينبس ببنت شفة.. وهناك تمساحٌ كان على رأس أحدهم أجلسه بجانبه.. وهناك جمهورٌ يمشي بصمتٍ نحو أقرب مخرجٍ له.. كلها مشاهدٌ في المدرجات..
وهناك في المستطيلِ كان اللاعبون.. تمددوا على خطوط الملعب لدقائق وبدأوا يمشونَ الهُوينا نحو غرفة التبديل..
لاعبٌ مختلف حين يُمسكُ بالكرة.. كان حزنه مختلفٌ جدًا.. جثا على ركبتيه وعلى الأرضِ لفترة.. يده على وجهه يخفي شيئًا ما.. تجمهر بعض اللاعبين القريبين منه.. أوقفوه.. مسحوا على رأسه.. ومشوا معه.. رفع قميصه الأخضر إلى وجهه ليُخفي ذات الشيء بعد أن خذلته كفاه..
المحترف الوفي البطل الأنيق الرائع الخلوق الذي شدَّني لتتبعه بكامرةِ هاتفي…
يمشي ببطئ شديد.. أُحسُّهُ يتنهد بعمق.. يرفع رأسه للسماء.. يصل إلى الترتان الأحمر المخطط أبيضًا.. يُدير بوجهه نحو الجمهورِ المتبقي في المدرجات.. يلمع وجهه لا من عرقٍ فحسب ولكن.. كان انعكاسُ الأضواءِ يفضح دموعه التي لم تتمكن يداه ولا قميصه الأخضر من إخفائها..
يمد بيديهِ نحو الجمهورِ معتذرا.. يشبك بيديه على رأسه والجمهور يصفق له.. يمرر بيديه إلى وجهه وعينيه من جديد وفي قلبه غصةٌ يفهمها كل من عرفه.. يعود مرة أخرى إلى لوحةِ الإعلانات.. يضع رأسه ويديه عليها.. مستحيًا من جمهوره ومحبيه.. لينتهي المشهد هناك.. ويبدء ذات المشهد هنا بين هذه السطور…
هو محسن جوهر..
ليقول مليون كلمة في مشهده مفادها ثلاث حروفٍ لا أكثر..
(ألفٌ ممدودةٌ وسينٌ وفاء…)
نعم وفاء..
حتى في أسفه وفاءٌ لصحار وكل جمهورها…
لقد أضفت يا جوهر حُزنًا آخر لجمهور صحار.. ولأننا بحجم الفوز وبحجم الخسارة ما زلنا هنا.. نقول لك: كفَّيتَ ووفَّيتْ والسلام..
نطوي صفحةً لنفتحَ أخرى.. فهناك استحقاقاتٌ أخرى في انتظارك..
فلا تهن ولا تحزن.. وسيبقى الوفاء بيننا حتى وإن..
دمعت عينُ جوهر!
________________________________________
بقلم: مهدي اللواتي
الأربعاء ٥ ديسمبر ٢٠١٨م