كلاً يدعي وصلاً ب “صحار”
كتبه:مبارك بن خميس الحمداني
قيل ومن أبلغ ما قيل في الشعر العربي :
“وكلّ يدّعي وصلا بليلى … وليلى لا تقرّ لهم بذاكا”
ويبدو أن هذا البيت أصبح ينطبق حرفياً على وضع نادي صحار في ظل معمعة الأوضاع التي يعايشها في عدم وجود إدارة تسير شؤونه وتدبر أحواله. بعد إغلاق محاضر الترشح لمرتين لم يكتمل فيهما (مهر ليلى) الذي يرضيها وينصبها مليكة على عرش عشاقها..
ومن المستفز في هذه الأيام أنك حينما تقابل شخص ما وتحادثه في شأن نادي صحار وأوضاعه يقول لك بكل استفزاز “ترا ما أول نادي يمر بهالظروف … ما إلا نادي صحار يعاني من هالمشاكل … أندية عالمية مرت بظروف أسوأ…الخ” وغيرها من العبارات المستفزة التي تقوم على عقلية تبريرية تستدعي أحداث رياضية وإدارية قد تكون في واقع مختلف وبظروف مختلفة لتقوم بمقارنتها وإسقاطتها على الحالة التي يعايشها نادي صحار في راهن أوضاعه.
ولقد طالعتنا أحد الصحف المحلية في توصيفها للمشكلة التي يعانيها نادي صحار بتوصيف دقيق وهي حالة “العزوف الإداري” وفي تقديري فإن هذا التوصيف توصيف علمي أسقط في محله. وجاء ليعبر بشكل دقيق عن حالة أن هي في راهنها متعلقة بنادي صحار إلا أنها أزمة قد تعاني منها الكرة العمانية بشكل عام والنشاط الرياضي بوجه كلي في السلطنة خلال الفترة المقبلة.
والسؤال القائم الذي يجب أن يطرحه هذا التوصيف هو ” ما الأسباب الكامنة وراء الوصول إلى حالة العزوف الإداري هذه ؟ ” وليكن نادي صحار أنموذجا بحثياً ننطلق منه إلى استقصاء ظروف أخرى لظواهر وحالات قد تلاحقنا مستقبلا في النشاط الرياضي العام في السلطنة. فالمسألة في ظاهرها قد تساق لها أسباب عديدة ومسببات جزئية إلا أن التدخل البحثي الدقيق قد يقودنا لاكتشاف مسببات كبرى وأعمق تقود لمعرفة خارطة الطريق المفترضة التي تسير إليها رياضتنا العمانية وكرة القدم في البلاد على وجه التحديد..
تساءل عزيزي القارئ وكن متجرداً من كل شيء من الشعارات البراقة شكلاً الخاوية مضمونا : ما الذي يدفع شخص – أي شخص كان – لأن يرأس نادي رياضي في عمان في ظل وضع “ربطة العنق” الذي يربط فيه مصير ومقدرات كل الأندية بسيادة وزارة الشرون الرياضية وبسيادة فكرة “الرياضة شأن ثانوي ترفيهي” في بلادي. وبسيادة فكرة أنك أمام جمهور رياضي لا يعنيه مقدراتك المادية وفحواها بقدر ما يعنيه أن يجلدك من خلف الشاشة أو على الجدار في حالة الإخفاق. وحتى الأندية التي نجحت في تحقيق بطولات وإنجازات انظر إلى حجم ما تتكبده إداراتها من مصاريف في مقابل ما تحصل عليه من مجزيات (مؤجلة إلى أن يشاء الله).
وسيقول لك بعضهم أن الفكر الاستثماري هو الحل ونتساءل هنا : هل كرة القدم والرياضة في بلادنا عموما بيئة حافزة للاستثمار. وهل لدينا الجمهور الرياضي الذي يستطيع أن ينجح هذه الفكرة..!
إننا حين نتحدث عن الأندية الرياضية في البلاد فنحن نتحدث عن مؤسسات شبه حكومي ترتدي العباءة الأهلية فقط. ومصيرها مرتهن بدورة حياة المؤسسات الأخرى في الدولة التي ترتبط بها وتتبع لها. وبالتالي فإن إخراج هذه الأندية إدارياً من العجلة الدائرة لا يتأتى في يوم وليلة وإنما بجهد جهيد متكامل يحوز شق منه الجانب المادي وشق آخر الدانب الإداري التدبيري وجوانب أخرى تقوم على الفكر الانتاجي والإبداعي. لتكمل معادلة الخروج من سياسة “ربطة العنق”.
وبالنسبة للوضع في نادي صحار فإننا لسنا اليوم في حاجة إلى العقليات التبريرية ولا إلى الشعارات الخاوية التي أصبحنا نسأم من سماعها كمفردات حب الكيان وعشق الكيان وغيرها. علينا أن نكف عن انتظار المعجزة “معجزة ذلك الرجل القادم من عمق الزمن الذي سيحمل لواء صحار مادياً وفكرياً ويحقق المستحيل”.. علينا أن نزيح هذه الأوهام جانباً ونستعد لمرحلة قادمة أكثر صعوبة مما قد سبق.
إن المتطلب الآن هو التفكير في إطار المتاح. والمتاح ينطلق من اللجنة المؤقتة المنتظر الإعلان عن تفاصيل تشكيلها في الأيام القادمة. ولنعلم أن هذه اللجنة لن تحمل الأحلام الرومانسية التي كنا نمني النفس بها. ولا الآمال الوردية التي كنا نتغنى بها. فمجال العمل قصير ومحدود والأولويات يجب أن تكون واضحة وشفافة.
ورسالة لكل من سيحمل اللواء. إن أردتم النجاح فاتركوا عنكم الشعارات البراقة أولاً. واتقوا شرور التحزبات فهي التي أوصلتنا إلى هذا الحال وجعلت ما يسمى بالعزوف الإداري واقعاً نعيشه. لا ترسموا أحلاماً وردية. واعملوا في إطار الممكن. والأهم ثم الأهم لا تدعوا وصلاً بليلى لا يماثله وصل إي موصول وواصل بها..!
فليلى “صحار” هي الفخ الذي يدعي وصله الجميع. ويسقط فيه الجميع.