جماهير صحار

حيث للجمهور معنى

ادبيات

‏حين تحتفي صحار بنخبها


‏#صحار_تكرم_المتفوقين
مبارك بن خميس الحمداني
تلعب طبيعة التنظيم الإداري في مجتمع السلطنة دوراً بارزاً وحيوياً لتنشيط مجموعة من المبادرات والأنشطة الفاعلة في سبيل التدرج في خدمة المجتمع والأخذ بيد الفاعلين الاجتماعيين في مختلف القطاعات والمناشط نحو خدمة مجتمعهم وأوطانهم.
فالاحتفاظ بمنصب (الوالي) في سلم التكوين الإداري للدولة مع تقليص بعض صلاحياته. يعد خطوة مهمة في سبيل الحفاظ على أصالة تكوين المجتمع مع الأخذ بأسباب تقدمه ونموه. ويعد ترجمة واضحة للقول السامي من خطاب جلالة القائد في العيد الوطني الرابع والعشرين المجيد حين قال : “لقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالا للشك، أن الأمم لا تتقدم ولا تتطور الا بتجديد فكرها وتحديثه. وهكذا الشأن في الأفراد. فالجمود داء وبيل قاتل عاقبته وخيمة، ونهايته أليمة…لذلك عقدنا العزم منذ اليوم الأول للنهضة المباركة ألا نقع في براثن هذا الداء. وبقدر ما حافظنا على أصالتنا وتراثنا الفكري والحضاري عملنا على الأخذ بأسباب التطور والتقدم في الحياة العصرية…”
إن هذا الإتساق ينعكس بصورة أو بأخرى على ضرورة الأخذ بأسباب الحياة العصرية ولكن مع الحفاظ على المكون الاجتماعي الراسخ وتعزيزه. وذلك ينجلي أيضاً في التمثيل في المجالس البرلمانية التي وإن حدثت في مهامها وصلاحياتها وارتقت طبيعة الملفات التي تحملها على عاتقها فإنها في جانب آخر أسست لتحمل طابع مجتمعي أكثر رسوخاً. يمهد لقرب أعضائها أكثر من التكوين الاجتماعي. بحيث يصبحون أكثر اتصالاً وقرباً من آمال الأفراد ومآلاتهم في المجتمع.

وبالتالي فإن كل الظروف والمحددات المذكورة أعلاه تهيئ لأعضاء المجالس البرلمانية والبلدية ومختلف الفئات في التكوين الإداري للمجتمع بما فيها (الولاة) تهيئ لهم مساحة واسعة لابتكار المبادرات والإنطلاق بفكرة التغيير من القاعدة الشعبية نحو تعميم المنافع والفوائد في نطاق أوسع يسع المجتمع بكافة تكويناته ومؤسسات الدولة والمجتمع بكافة تفرعاتها.
ولعلنا نخصص اليوم للحديث عن مبادرة رائدة أطلقت تحت عنوان #صحار_تكرم_المتفوقين قادها ممثل ولاية صحار في مجلس الشورى سعادة د.محمد الزدجالي وهي تهدف إلى تكريم الطلبة المتفوقين والذين حصلوا على معدلات نسب عالية في دبلوم التعليم العام للعام الدراسي الحالي. إن هذه الفكرة لا تكمن قيمتها فقط في تكريم هذه الفئة الرائدة من الطلبة وفي الأثر المعنوي المصاحب لهذا التكريم. وإنما هي في مقام آخر اعتراف بالنخبة الرائدة على مستوى الولاية. وتعريف بهذه النخبة للمجتمع بشكل عام.
لقد كان أبناء صحار خلال سنوات طويلة رواد حقيقون في مختلف المجالات والأنشطة والقطاعات إلا أن المشكلة التي كانت تواجه هذه النخبة تتجلى في نطاقين بارزين : إشكالية التعريف بالنخب . وإشكالية وجود المؤسسات والمبادرات الحاضنة لنشاط وفاعلية هذه النخب.
وإننا نرتجي أن تكون هذه المبادرة أن تفتح آفاق واسعة لمبادرات أخرى للكشف عن هذه النخبة في ولاية تتكئ على مكون ثقافي وإبداعي رصين. وتحمل من التنوع الاجتماعي والفكري والثقافي الكثير. بما يؤهل لفتح آفاق أوسع لتكون حاضرة ثقافية منتجة. لا تكتفي فقط بالقوالب والأشكال التقليدية من النتاج الثقافي والإبداعي وإنما تؤسس لتغيير فكرة الإبداع وحاضره في الحاضر العماني.
إن قيمة المبادرة وفكرتها الرئيسة من وجهة نظري. لهي دافع أساس لدفع هذه النخب نحو الإنخراط في خدمة المجتمع المحلي بالدرجة الأولى. فعندما يلتمس الطالب الاعتراف والتقدير بداية من مجتمعه المحلي ومن أشخاص يمثلون قمة الهرم التنظيمي في الولاية فإن ذلك يولد شعوراً مختلجاً بضرورة وجود الدافع نحو الريادة المجتمعية. وتوظيف الطاقات نحو خدمة مجتمع الولاية بالدرجة الأولى بكافة المقدرات والأسس التي يتكئ عليها وبالمحصول المعرفي والمهاري الذي يستند عليه. فصحار تستحق وأبناؤها أهلٌ لذلك.
إن الظروف اليوم تبدلت والفرص أصبحت كثيرة. لقد كنا في سنوات سابقة نرى أن أعظم تقدير لنا أن نصل للمرحلة الجامعية ونباشر التخصص الذي نهوى دون أن يعرف المجتمع أي شيء عن طاقاتك ومواهبك وإبداعك. ودون أن توجد المؤسسات الاجتماعية الحاضنة التي تساند على الانتاج خارج نطاق التخصص. ودون أن تكون هناك السبل التي تقودك إلى الريادة في خدمة المجتمع المحلي. ولكن الوضع اليوم أصبح أفضل نسبياً عما هو عليه. فالنخب أصبح يحتفى بها وإن كان في نطاق ضيق. وسبل خدمة المجتمع أصبح لها منصاتها ومبادراتها الواسعة . وما هذه المبادرة إلا بذرة جزئية في الطريق الطويل نحو صحار أكثر ريادة بشبابها والفاعلين الإبداعيين فيها.
ختاماً أقول شكراً للمبادرة (الفكرة) التي ستتسع لأفق أفضل إن طورت واتسعت نطاقاتها. ونقول نعم لصحار التي تحتفي بنخبها. والتي تقدر مبدعيها. والتي تفتح النطاقات الواسعة نحو منتج إبداعي وثقافي لشبابي أكثر تنوعاً وريادة.