بقلم / حميد بن فاضل الشبلي
تعتبر صلاة الجمعة في عالمنا الاسلامي ، من الشعائر التي تتميز بروحانية خاصة ، ووسيلة للتفاعل والتواصل مع المجتمع في أي ظاهرة أو قضية ، ويكون ذلك من خلال خطبة الجمعة التي يلقيها الخطيب في هذا اليوم المبارك ، ويمكن القول أن نسبة كبيرة من أفراد المجتمع تتواجد في المساجد وتستمع لهذه الخطبة بمعدل أربع مرات في الشهر الواحد ، وهنا نطرح سؤال هل استطاعة هذه الخطبة في زيادة الوعي المجتمعي حول مختلف القضايا والظواهر ، وهل هذه الخطبة تناقش قضايا ملامسة لواقع المجتمع ، وهل خطبة الجمعة مختصة فقط للحديث الديني أم تعرض مواضيع تهتم بمتطلبات الحياة العامة ، وما هي الاضافة التي أوجدتها على سلوك الفرد المسلم ، وما هي العوامل التي تجعل بعض الخطباء مؤثرين ولهم قبول عند المصلين .
إن طرح موضوع خطبة الجمعة في هذه الزاوية التوعوية ، يعود سببه لأهمية هذه الشعيرة الدينية ، التي تستطيع تجميع أكبر عدد من أفراد المجتمع ولعدة مرات في الشهر الواحد ، وبالتالي يمكن التواصل مع أفراد المجتمع في أي موضوع يحتاج التوعية له وبدون تكلف ولا قيود ، الا أن المأمول من هذه الخطبة لم يصل الى الطموح الذي يسعى اليه المختصين في مجال التوعية والارشاد ، مع التأكيد أن الجهة المعنية بموضوع خطبة الجمعة ، قد بذلت جهودا كبيرة في سبيل تنويع مواضيع الخطب ، وكذلك تطوير وإعداد وتجهيز الخطباء ، ولله الحمد بدأنا نستمع ونشاهد لمجموعة طيبة من هؤلاء الخطباء المجيدين ، وسبق لي أن نشرت أكثر من تغريده لبعض الخطباء ومواضيعهم المتميزة .
إلا أننا لا زلنا نلتمس ونشاهد بعض من الخطب التي تأخذ الطابع التقليدي ، وبعيدة كل البعد عن الجانب التشويقي ، كذلك لا زال البعض يسرد في كل خطبة ماذا يوجد في الجنة وماذا يوجد في النار ، ناهيك عن الدعوات التي تبدا الخطبة وتنتهي بها ، ولا يكون للوضع المجتمعي نصيب منها ، ولذلك وللأسف الشديد بعض المصلين يخرجون من الصلاة ولم يستوعبوا الموضوع الذي تحدث عنه الخطيب ، وهنا يكون لأسلوب وطريقة عرض الخطيب دور بارز في شد انتباه المستمع لموضوع الخطبة .
إن الظواهر والقضايا التي تمر بها المجتمعات البشرية ، ومنها بطبيعة الحال المجتمع العربي والاسلامي ، ينبغي من خطبة الجمعة أن يكون لها دور بارز في تسليط الضوء عليها ، واستغلال هذه الساعة التي يتجمع فيها معظم أفراد المجتمع ، نحن اليوم في حاجة لمواضيع قريبة وملموسة من حياة المسلم بالوسط الاجتماعي ، كم هو جميل أن نتحدث عن مواضيع تؤرق حياة الشباب مثل ( ارتفاع تكاليف الزواج وقضايا الابتزاز الالكتروني وكيفية استغلال وقت الفراغ وخطورة المخدرات وأثار التفحيط والالام التي تسببها حوادث المرور ) كذلك نحن في حاجة للتوعية بظواهر معطلة للتنمية مثل ( الفساد الاداري والغش التجاري والواسطة والمحسوبية والامانة في العمل والتخطيط السيء والرشوة واغتيال الموظف المجيد ) ، كما أن تواجد الاب والابن في المسجد فرصة للتوعية بأهمية التعاون بين البيت والمدرسة ، وأن نوجه هؤلاء الابناء على المثابرة في التحصيل الدراسي وحب المدرسة واحترام المعلمين ، إن التخاطب مع المصلين في مواضيع تساعد على استقرار الحياة في المجتمع ، لا تقل شأننا عن الحديث حول مواضيع تختص بالطاعة والعبادة ، لأننا اذا أوجدنا مجتمع يتمتع بالأمانة والاخلاص والطموح والاخلاق الفاضلة ، فإننا بذلك نسهل له طريق الاخرة ، كما أننا سوف نعد مجتمع ايجابي ومنتج ، من المؤسف وجود خطب تتعالى بالدعوات بتدمير أمم أخرى ليست على دين الإسلام ، ولا يحظى المسلم الفاسد والظالم والمقصر في مجتمعاتنا بحيز من التوعية لأجل الأخذ بيده الى طريق الخير والصلاح ، نتمنى أن تتوقف الخطب التي تتميز بالكم دون التركيز على الكيف ، نتمنى أن تكون الخطب متجددة في العرض والطرح ، متدارسة كافة المواضيع التي تمس حياة الفرد ، وخصوصا التي لها علاقة بالاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي ، يجب على خطبة الجمعة أن تذهب بنا إلى مواضيع يحتاجها الصغير والكبير الذكر والانثى الموظف والمسؤول ، ويكون لها عبرة وعظة وأثر وفائدة في حياة الانسان بالدنيا والأخرة .
