كتبه /مبارك بن خميس الحمداني
قبل أيام أرسل لي أحد الأصدقاء مجموعة من الصور التي تحمل شعار ورداء نادي صحار وسط ثلوج موسكو في صور جميلة جداً حيث يكتسي المدينة موجة برد يتلألأ وسطها اللون الأخضر حاملاً شموخ الولاية وساكينها قبل أن يحمل رمزية النادي وكيانه.
ولا يكاد يمر أسبوع إلا ونشاهد عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي ويصلنا عبر (واتس أب) صوراً لفانيلات النادي وشعاراته في مختلف دول العالم. وأنا أكتب هذه المقالة أطالع حافظة الهاتف الشخصية التي تمتلئ بصور من مثل هذا القبيل لشعارات النادي في موسكو وميونيخ ولندن وأخرى في باريس.
ومع هذه التظاهرات الجميلة التي يخلقها جمهور صحار ليس فقط على مستوى المدرج وإنما على كافة المستويات والوسائط, نتساءل اليوم على سبيل المثال ما الذي يجعل (المشجع الصحراوي) يجعل من ضمن أولوياته في السفر حمل هذا الرداء أو الفانيلة والتخطيط المسبق للتصوير في أماكن جميلة وجذابة.؟
وقد لا يكون هذا الفعل جديراً بالتحليل المطول ولكن انظر اليوم إلى مواقع التواصل الاجتماعي عموماً كيف تمتلأ بمختلف التصاميم المتعلقة بنادي صحار. انظر إلى العبارات الشعرية التي تلقى هنا وهناك في مختلف الحسابات التي تعبر عن الانتماء للكيان.. انظر إلى مجموعات التواصل الاجتماعي وحجم الحماسة التي تعتمرها قبيل كل مواجهة يخوضها الأخضر.. يخبرني الأصدقاء في فريق تماسيح صحار أن بعض مجموعاته في تطبيق (واتس أب) تحتوي أشخاصاً من خارج عمان من دول الخليج وبعض الدول العربية المختلفة.
وقد شاهدت قبل مدة عبر تويتر بعض الأشخاص من المملكة العربية السعودية يغردون عبر هاشتاج خاص بأحد مباريات صحار ويحللون فيها لعب الفريق ويبدون إعجابهم بالجمهور ويكتب أحدهم متمنياً : “أتمنى حضور مباراة مع جمهور صحار . جمهور مثالي ورائع”.
قد تكون المشاهدات السابقة مشاهدات جزئية يستطيع المهتم بشأن الكيان الصحراوي الإضافة إليها. إلا أن المقصد هو تحليل حالة الفعل الجماهيري لجمهور صحار. لست أتحدث هنا عن ميكانزمات أو دوافع تكوين هذا الجمهور , فقد تحدثت في مقالة سابقة عبر موقع جماهير صحار عن هذه الدوافع وعن ارتباطها بتاريخية صحار وطبيعة تكوين الشخصية الصحارية. ولكنني أتحدث هنا عن سؤال رئيس (لماذا أصبح جمهور صحار يشكل “تظاهرة” على مستوى المدرج وعلى مستوى وسائط الإعلام ومنصاته المختلفة)
وحين نطلق مفردة “تظاهرة” في الأدبيات الاجتماعية فنحن نعني أن هذا الجمهور أصبح يشكل حالة فعل نادرة خارج نطاق (التوقعات) أو خارج سقف وحدود (الطموح). فقد لا يكون جمهور صحار على مستوى الكم فارقاً أو تظاهرة تاريخية في الكرة العمانية لإنني لا أعلم تحديداً طبيعة الوضع الذي كانت عليه الجماهير في سنوات سابقة.
ولكن أتحدث هنا عن فعل مزدوج. فهذا مهووس بالتصاميم الصحارية. وذلك يقضي وقته على تويتر مترنماً باسم صحار. وآخر لا تجد على حسابه في انستغرام سوى التغني بالفريق ولاعبيه. وفي تقديري فإن هذا الفعل يمكن تفسيره في إطار علم الاجتماع وبناء على تفاصيل نظرية التفاعل الرمزي أنه (فعل اجتماعي خارج البنية). أي أن هذه الجماهير بقدر ما تشكل كتلة اجتماعية مساندة للفريق في وضعها العام إلا أن كثيراً منها يتصرف سلوكاً اجتماعياً خارج بينة الجماعة. وتفسير ذلك هو الدافعية التنافسية. بمعنى أن كل فرد من هذا الجمهور أصبح مدفوعاً للتميز في حب هذا الكيان. وأصبح مهووساً بإيجاد الجديد من أساليب التشجيع ورفع اسم الفريق وتداوله عبر المحطات والوسائط المختلفة..!
وحالة التنافسية هذه هي الحالة الأكثر أهمية على مستوى تحليل فعل الجمهور الصحراوي. بل وهي الأكثر أهمية في هذه المرحلة التاريخية من عمر النادي – إذا ما أحسن استثمارها – إنها بلغة أخرى مرحلة التجلي التي لا تحدث عادة إلا عبر فترات زمنية متباعدة. فالحق والواقع يقال أننا برغم كل المراهنات والرهانات التي نعقدها على هذا الجمهور فإننا لا نضمن أن هذه الجمهور يستمر بنفس حالة التوهج التي يمر بها على المدى..
ومن هنا فلكي نضمن الاستمرارية فإننا يجب أن نحارب ثالوث هدام قد يواجه جماهير الفريق في المرحلة القادمة وهو ثالوث (التعصب . الشائعات . التحزبات) ففي تقديري أن هذا الثالوث يعتبر المخاص الأعسر بالنسبة لأي تكوين جماهيري منتظم. وبالتالي فإن مواجهة هذا الثالوث تقتضي الأخذ في الاعتبار مجموعة من التدابير العامة تضم تحتها مجموعة من الإجراءات التطبيقية..
أما عن التدابير العامة فتتمثل في تعزيز الجوانب الإعلامية بالنسبة (للنادي) نفسه وبالتحديد جوانب العلاقات العامة. حيث أن الجمهور أصبح يؤول ويفسر كل الحوادث التي لا يخرج فيها تصريحات وتبيانات رسمية بأشكال مختلفة. وبالتالي فإن وجود جهاز للعلاقات العامة يتدبر أمر تبيان وضع بعض الأزمات والحوادث بشكل مباشر للجمهور أصبح مطلب رئيس بالنسبة لجماهير النادي.
الإحتراز الآخر يأتي على مستوى الفرق والمجالس العاملة على حشد الجمهور وتجهيز المدرج حيث يتوجب عليها تعزيز جوانبها التنظيمية في المدرج نفسه وذلك للحد من التصرفات غير المقبولة التي أصبحت تصدر من بعض الجماهير إزاء اللاعبين والفرق المنافسة وجماهيرها وحكام اللعبة..
الأمر الأخير يتجلى في التوعية وهذه مسؤولية مشتركة بين النادي والفرق العاملة على الجماهير فبقدر مطالب الحشد الجماهير بقدر ما نحتاج اليوم إلى حملات مكثفة لتوعية الجمهور بأساليب التشجيع الحضاري وأدواته وطرائقه..
وتحت هذه الثلاث أبعاد الأساسية تندرج مجموعة من الإجراءات التطبيقية التي يستطيع العاملون على هذا الشأن تدبرها والعمل عليها لتبقى حالة التوهج التي يعيشها جمهور صحار حالة توهج إيجابي ولنحقق الهدف الأساسي لهذا التوهج وهو الدفع بالفريق إلى مراتب أعلى ووضع أفضل.