جماهير صحار

حيث للجمهور معنى

ادبيات

” منطقة صلان تودع أستاذة العطاء “

” منطقة صلان تودع أستاذة العطاء “

في عالم الحياة هناك شخصيات ومواقف إنسانية تجبر الفرد ذكر محاسنها وتعريف الناس بها ، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بأصحاب الهمم وأعمال الخير ، لقد خيم الحزن والصمت ليلة البارحة على منطقة صلان ، وعاش أهالي ذلك الحي ليلة حزينة وباكية ، حيث ودعوا أستاذة العطاء ومعهم أهالي ولاية صحار وكذلك منتسبي وزارة التربية والتعليم ، تلك الليلة خرجت الجموع الغفيرة وهي تحمل جثمان المرحومة بإذن الله أم محمد وقد امتلأ بهم شارع صلان ، لقد سجل منزل المرحومة توافد أفراداً وجماعات ، منهم الصديقة والزميلة في الدراسة والمهنة وطالبات كانت معلمتهم منذ سنوات ووجوه عديدة لم يعتد أهلها مشاهدتها ، كذلك تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر وفاة معلمة اللغة الإنجليزية الأستاذة خديجة بنت علي البلوشية بالدعاء لله أن يغفر لها ويرحمها وذكر سيرتها العطرة بأجمل الأوصاف والعبارات ، واكتمل المشهد المتعاطف مع هذه الإنسانة الخلوقة والمخلصة لمجتمعها ووطنها المطيعة لربها والمقتدية بسنة نبيها ، عندما أعلن مجموعة من أفراد المجتمع عن تأسيس وقف خيري لروح هذه الإنسانة والأستاذة الفاضلة ، تعاطفا منهم وتقديرا لما قدمته طوال مسيرة حياتها الحافلة بالعطاء والعاملة بصمت في الخفاء ، فيا ترى ما الذي ميز هذه الأم والأستاذة والإنسانة عن بقية السيدات ، لتحظى بهذا الود والتعاطف والحزن لفراقها والدعاء الصادق من الجميع لها بالمغفرة والرحمة من رب الأرض والسماء ، وفيما سأذكره هو جزء من كل لسيرتها العطرة ، وهي الأعمال التي عرفها الأصدقاء والأقرباء والظاهرة للعيان ، ولكن لا نستطيع ذكر تلك الأعمال التي جاهدت وأخلصت فيها فقيدة الولاية وهي تقوم بها في الخفاء ، لقد عاشت هذه المرأة قصة كفاح وإخلاص نحو حب الخير والوطن ، حيث التحقت في العديد من الجمعيات الخيرية التي تعنى بكفالة الأيتام والأرامل وبناء وترميم المساجد ، كذلك كان لها نشاط في مشروع فك كربة أصحاب الديون وذلك من خلال تعاون أهل الخير والعطاء في هذا الموضوع ، أم محمد كان من أهم برامجها في الأعياد هو كسوة العيد التي كانت تسلمها لأسر الفقراء والأيتام ، ناهيك عن تقديم المؤونة نهاية كل شهر وكذلك خلال شهر رمضان لقوائم المحتاجين ، لقد سخرت وقتها ومالها طوال العام في أعمال البر والخير والعطاء ، فلا يكاد تسمع عن أي عمل خيري إلا ولها فيه بصمة ولو بسيطة ، كانت تبحث عن أعمال الخير وتحث الناس على فعله ، ومع كل هذه الأعمال الخيرة لم تكن الأستاذة الجليلة بعيدة عن كتاب ربها ، حيث كانت تشجع الأطفال والطالبات والمعلمات في المدرسة على حفظ وترتيل القرآن ، وتنظم المسابقات التعزيزية لهذه المسابقات المباركة ، واجتهدت في الحي الذي تسكن فيه بتقديم الجلسات الدعوية والتوعوية لسيدات وفتيات الحي لكل ما هو مفيد في الحياة الدنيا والآخرة ، أم محمد كذلك كانت نشيطة مع الفرح والمرح لصديقاتها وزميلاتها في الحي والعمل ، دائما ما تنظم لهن رحلات ترفيهية وتبادل الزيارات بين الصديقات وزيارة المرضى في المستشفيات ، كذلك كان لها نشاط واضح على مستوى الولاية حيث أنها عضوة في لجنة الزكاة بولاية صحار ، لقد تميزت الراحلة باليقين والإيمان بقضاء الله وقدره ، حيث قاومت المرض بروح راضية بما قدره الله عزوجل ، وفي آخر رسائلها بمجموعة العمل التي ترويها زميلتها زوجتي أم الخطاب ، أن رسالتها الأخيرة كانت توحي بأنها بخير ولا داعي للخوف أو القلق من وضعها الصحي ، وإذ بالغد قد فارقت الحياة .
إن الحديث عن سيرة هذه الإنسانة لن ينتهي بهذا المقال ، ولكن هي مشاركة بسيطة حول شخصية أحبت عمل الخير فأحبها الخير وأهله ، ولن نزكي على الله أحدا ، ولكن نسأل الله أن تكون من سكان الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء ، رحلت أم محمد وتركت خلفها منازل وأسر ستسأل عنها ، رحلت بعد أن سخرت حياتها ووقتها ومالها لخدمة الخير ، ستفقدها أرواح وبيوت كانت تقوم برعايتها ، رحلت وتركت طفلها الرضيع بعيدا عنها ، ولكن بعون الله البركة والخير في أبو محمد فهو خير خلف لخير سلف وسيواصل مسيرة الخير مثلما كان داعما لأم محمد في حياتها ، إنها نموذج للفتاة العمانية التي وازنت بين عملها وأهلها وطاعة ربها ، أنها نموذج يجب أن نفتخر به ونفاخر به ونطالب الجميع ان يحتذي بمثل همتها وإخلاصها ونشاطها ، اللهــــم .. اجزها عن الإحسان إحساناً ، وعن الإساءة عفواً و غفراناً ، اللهــــم .. إن كانت محسنة فزد في حسانها ، و إن كانت مسيئة فتجاوز عنها يارب العالمين اللهــــم .. آنسها في وحدتها ، و آنسها في وحشتها ، و آنسها في غربتها..آمين .. آمين ، ونسألكم الدعاء لها..

حميد بن فاضل الشبلي
‏humaid.fadhil@yahoo.com

الأحد:-2018/7/22م